Skip links

أحكام الوكالة القانونية وآثارها

تُعد الوكالة القانونية واحدة من أهم العقود التي تعتمد عليها العلاقات بين الأفراد والشركات وحتى المؤسسات الحكومية. هذا العقد ليس جديداً، بل هو جزء من البناء القانوني المتماسك الذي يهدف إلى تنظيم العلاقات بين الأطراف؛ حيث تعطي الوكالة لصاحبها الحق في التصرف بالنيابة عن الموكل، مما يسهم في إنجاز المهام والمعاملات التي قد يصعب على الموكل إتمامها شخصياً.

تعريف الوكالة القانونية

وفقًا لما ورد في المادة (716) من القانون المدني، تُعرف الوكالة بأنها عقد يتم بموجبه تعيين شخص للقيام بعمل قانوني معين بالنيابة عن شخص آخر يُعرف بالموكل. ومن هذا التعريف، يتضح أن الوكالة تتيح للوكيل صلاحيات محددة، سواء كان ذلك بتصرفات قانونية أو مالية، بشرط أن تكون النتائج المترتبة على تلك التصرفات لصالح الموكل وليس الوكيل.

يعتبر عقد الوكالة من العقود الرضائية، أي يكفي لانعقاده توافق الإرادة بين الوكيل والموكل، وهي من عقود الأمانة. ويمثل هذا العقد مصلحةً مزدوجة حيث يتبادل الطرفان الثقة والإلزام بالتنفيذ لما فيه مصلحة كلاهما.

أنواع الوكالة القانونية

تنقسم الوكالة إلى نوعين رئيسيين بحسب العمل الموكول به الوكيل:

  • الوكالة العامة: تتضمن التصرفات العامة التي لا تتطلب تحديداً دقيقاً لنوع المعاملة أو التصرف، فتتيح للوكيل التصرف بالنيابة عن الموكل في الأمور العامة مثل إدارة الممتلكات أو الشؤون المالية.
  • الوكالة الخاصة: تقتصر على عمل قانوني معين أو تصرف محدد؛ فعلى سبيل المثال، قد يُكلف الوكيل بشراء عقار أو إبرام عقد معين نيابة عن الموكل، ويُشترط أن يكون العمل المطلوب واضحاً ومحدداً من قبل الموكل، طبقاً لنص المادة (720).

الآثار المترتبة على عقد الوكالة

يُنتج عقد الوكالة مجموعة من الالتزامات على كلا الطرفين، الوكيل والموكل. كما تترتب عليه آثار قانونية تشمل حماية حقوق الموكل وضمان الوفاء بالالتزامات بشكلٍ عادل.

التزامات الوكيل

أوجب القانون على الوكيل الالتزام بتنفيذ الوكالة وفقاً للتعليمات الصادرة من الموكل، وألزم الوكيل بمراعاة حدود الوكالة وعدم تجاوزها إلا في حالات معينة يحددها القانون، ومنها:

  1. تنفيذ المهمة في حدود العمل الموكول إليه: يُشترط على الوكيل ألا يتجاوز حدود الوكالة إلا إذا تطلبت الظروف ذلك بشكل عاجل، وفي حالة تعذر التواصل مع الموكل. ويجب على الوكيل في هذه الحالة إخطار الموكل بتصرفه فوراً (المادة 722).
  2. إبلاغ الموكل بتفاصيل التنفيذ: يلزم القانون الوكيل بتقديم كشف حساب للموكل يتضمن كافة التصرفات التي قام بها تنفيذًا للوكالة، ويجب أن يكون مدعماً بالمستندات (المادة 724).
  3. الحفاظ على أموال الموكل: يُحظر على الوكيل استغلال أموال الموكل لتحقيق مصلحته الشخصية. وإذا خالف ذلك، يحق للموكل مطالبته بالتعويض.

التزامات الموكل

يقع على الموكل عدة التزامات تجاه الوكيل، منها:

  1. دفع أجر الوكالة (إن وُجد): الأصل أن تكون الوكالة بدون أجر، ولكن إذا اتُفق على أجر فيجب على الموكل الالتزام بالدفع، ويحق للوكيل اللجوء إلى القضاء لتقدير الأجر المستحق في حالة وجود خلاف (المادة 729).
  2. رد المصاريف التي تكبدها الوكيل: يجب على الموكل تعويض الوكيل عن كافة المصاريف التي أنفقها في سبيل تنفيذ الوكالة، بما في ذلك المصاريف التي طلب الوكيل سدادها مسبقاً لتنفيذ المهمة المطلوبة (المادة 730).
  3. التعويض عن الأضرار: في حالة تعرض الوكيل للضرر أثناء تنفيذ الوكالة، يلتزم الموكل بتعويضه، ما لم يكن الخطأ من الوكيل نفسه (المادة 731).

إنهاء الوكالة وعزل الوكيل

للوكالة مدة معينة، وتنتهي إما بإنجاز المهمة، أو بانتهاء المدة المتفق عليها، أو بعزل الوكيل. ويمكن للموكل عزل الوكيل متى شاء، وللوكيل كذلك الحق في اعتزال المهمة شريطة إخطار الموكل مسبقاً، ما لم يُشترط خلاف ذلك. ومع ذلك، يجب مراعاة الضوابط المتعلقة بالوكالة، مثل المحافظة على حقوق الطرفين وتجنب الإضرار بمصالح الموكل في حالة عزل الوكيل فجأة ودون سبب مشروع.

الخلاصة

تُعد الوكالة القانونية من الأسس التي تتيح إنجاز المعاملات بكفاءة في المجالين العام والخاص، حيث تجمع بين الحرية والثقة التنظيمية بين الطرفين. ويوفر القانون حماية شاملة للوكالة من خلال ضمان حقوق الموكل وتحديد التزامات الوكيل بدقة. علاوةً على ذلك، تبرز الوكالة كأداة قانونية مرنة تتلاءم مع الظروف المختلفة، مما يسمح باستخدامها على نطاق واسع بما يخدم الأطراف المعنية ويلبي احتياجاتهم بفاعلية.