مفهوم الدعوى الجنائية وسلطات تحريكها
تعد الدعوى الجنائية الأداة القانونية المشروعة لمعاقبة المجرمين، حيث لا عقوبة إلا بحكم قضائي، وتتمتع النيابة العامة بالسلطة الحصرية لتحريك الدعوى الجنائية ومباشرتها وفقًا للمادة (1) من قانون الإجراءات الجنائية.
ومع ذلك، فقد وضع القانون قيودًا على سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية، حيث لا يجوز اتخاذ أي إجراءات قانونية ضد المتهم إلا بتوفر أحد الشروط التالية:
- شرط الشكوى
- شرط الطلب
- شرط الإذن
وقد نصت المادة (3) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه:
“لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية إلا بناءً على شكوى من المجني عليه أو من يقوم مقامه في حالات وجرائم محددة بنص القانون.”
مفهوم الشكوى ودورها في تحريك الدعوى الجنائية
🔹 ما هي الشكوى؟
الشكوى هي تصريح رسمي من المجني عليه أو من ينوب عنه، يعبر فيه عن رغبته القانونية في تحريك الدعوى الجنائية ضد المتهم، مما يرفع القيد الإجرائي المفروض على النيابة العامة ويعيد إليها سلطة التحريك والمباشرة.
🔹 شروط الشكوى:
لتحريك الدعوى الجنائية، يجب أن تتوفر عدة شروط أساسية في الشكوى، وهي:
✔ أن تكون واضحة وصريحة في الإبلاغ عن الجريمة.
✔ أن يكون القصد منها تحريك الدعوى الجنائية ضد الجاني.
✔ أن تكون باتة وغير معلقة على شرط.
🔹 طريقة تقديم الشكوى:
لا يُشترط تقديم الشكوى كتابيًا، إذ يمكن تقديمها شفويًا أو كتابيًا سواء للمحكمة، أو للنيابة العامة، أو لمأموري الضبط القضائي، وفقًا لما ورد في المادة (3) فقرة ثانية من قانون الإجراءات الجنائية.
دور مأموري الضبط القضائي في تحريك الدعوى الجنائية
يتمثل دور مأموري الضبط القضائي في:
✔ جمع المعلومات والاستدلالات حول الجريمة.
✔ تحرير محاضر رسمية وإحالتها إلى النيابة العامة.
✔ لا يجوز لهم اتخاذ أي إجراءات قانونية إلا بعد تقديم شكوى رسمية.
وقد نصت المادة (3) فقرتها الثالثة على أنه:
“يجوز في حالة الجريمة المتلبس بها أن تقدم الشكوى إلى من يكون حاضرًا من رجال السلطة العامة.”
أحكام خاصة بالشكوى وتحريك الدعوى الجنائية
هل تُشترط الشكوى في الجرائم المتلبس بها؟
نعم، حتى في حالات التلبس بالجريمة، لا يجوز تحريك الدعوى الجنائية إلا بتقديم شكوى رسمية من المجني عليه.
🔹 ماذا لو تعدد المجني عليهم أو المتهمون؟
✔ إذا تعدد المجني عليهم، يكفي أن يقدم أحدهم الشكوى لتحريك الدعوى الجنائية.
✔ إذا تعدد المتهمون، يمكن تحريك الدعوى ضد جميع المتهمين حتى لو تم تقديم الشكوى ضد أحدهم فقط.
🔹 حالات الجرائم المقيدة بتحريك الدعوى الجنائية بموجب شكوى:
حدد قانون العقوبات مجموعة من الجرائم التي لا يمكن تحريك الدعوى الجنائية فيها إلا بناءً على شكوى من المجني عليه، ومن أبرزها:
- جرائم السب والقذف عبر وسائل الاتصال أو الوسائط الإلكترونية – المادة (293) عقوبات.
- التعدي العمدي على سلامة جسم الغير والتسبب في عجز يزيد عن 20 يومًا – المادتان (308 – 309) عقوبات.
- دخول منزل دون إذن الحائز الشرعي – المادتان (323 – 324) عقوبات.
- التهديد بإلحاق الضرر بالنفس أو السمعة أو المال – المادة (325) عقوبات.
- إفشاء الأسرار بحكم المهنة أو الوظيفة – المادة (332) عقوبات.
- إصدار شيك بدون رصيد بسوء نية – المادة (357) عقوبات.
- إتلاف أو تخريب ممتلكات الغير عمدًا – المادة (389) عقوبات.
- قتل أو الإضرار الجسيم بالحيوانات المملوكة للغير أو استخدام وسائل إبادة غير قانونية – المادة (393 – 394) عقوبات.
متى يسقط حق تقديم الشكوى؟
حدد القانون حالتين لسقوط الحق في تقديم الشكوى:
✔ مرور 30 يومًا على علم المجني عليه بالجريمة دون تقديم شكوى، وفقًا للمادة (7) من قانون الإجراءات الجنائية.
✔ وفاة المجني عليه قبل تقديم الشكوى، حيث لا ينتقل هذا الحق إلى ورثته، وفقًا للمادة (8) من قانون الإجراءات الجنائية.
الخلاصة
🔹 تعد الشكوى قيدًا إجرائيًا يمنع النيابة العامة من تحريك الدعوى الجنائية إلا بعد تقديمها من المجني عليه، وذلك في جرائم محددة بنص القانون.
🔹 بمجرد تقديم الشكوى، تسترد النيابة العامة سلطتها في تحريك ومباشرة الدعوى.
🔹 لا تُحرك الدعوى الجنائية ضد المتهم في الجرائم المقيدة إلا إذا قُدمت الشكوى خلال 30 يومًا من علم المجني عليه بالجريمة.
🔹 في حالة وفاة المجني عليه قبل تقديم الشكوى، يسقط هذا الحق نهائيًا ولا ينتقل إلى الورثة.
يعتبر نظام الشكوى في الإجراءات الجنائية من الضمانات القانونية المهمة، حيث يحقق التوازن بين حماية حقوق الأفراد وضمان عدم التعسف في تحريك الدعوى الجنائية.