تعد مسألة تكييف الدعوى من القضايا الحيوية في قانون المرافعات، فهي تمثل عملية إعادة صياغة للدعوى بما يتوافق مع حقيقة الوقائع المعروضة، بما يتيح للمحكمة فهم القضية بصورة أشمل. وتتمتع محكمة الموضوع بسلطة تقديرية كاملة في هذا الجانب، إذ أن غاية التقاضي تنحصر في طلبات الخصوم والأسانيد المثبتة التي يقدمونها.
دور محكمة الموضوع في تكييف الدعوى
تتمثل مهمة المحكمة هنا في مراجعة تفاصيل الوقائع المقدمة والأدلة المتاحة، وتقييم مدى صحة الطلبات والدفوع. ولا يُلزم قاضي الموضوع بتنبيه الأطراف إلى نقاط الدفاع التي أغفلوا إثارتها، وإنما يكفي أن يقيم حكمه على أساس من الأدلة الواضحة والثابتة في أوراق الدعوى. وقد استقر القضاء على أن سلطة المحكمة في تحصيل وفهم الواقع تمتد إلى تقدير مدى صحة الأدلة، وتقرير الخبير في هذه المسائل قد يُعد دليلاً إذا اقتنعت المحكمة بسلامة أبحاثه.
مثال من أحكام التمييز حول تكييف الدعوى
في طعن تمييز رقم 245 لسنة 2000، قضت المحكمة بأن محكمة الموضوع ليست مقيدة بأي معيار لتقديرها للأضرار، بل تستند إلى قناعتها الذاتية من خلال فهمها للوقائع. ففي هذا الطعن، أُحيل ملف القضية إلى خبير لتقديم تقريره حول المسؤولية الناتجة عن أعمال هدم تسببت في ضرر للمطعون ضده. واستندت المحكمة إلى تقرير الخبير في إثبات الخطأ على الطاعن وألزمته بتعويض ملائم، وأكدت على أن تقديرها للضرر هو من سلطتها التقديرية، فلا يخضع لمراجعة محكمة التمييز طالما كان له أصل بالأوراق.
شرط صحة تكييف محكمة الموضوع للدعوى
يتطلب هذا أن تكون الأسباب التي بنت عليها المحكمة قرارها سليمة ومبنية على عناصر واضحة في أوراق القضية. وهذا يشمل الوقائع والأدلة والقرائن المقدمة، طالما كان استخلاص المحكمة مستمدًا من عناصر منطقية تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، فإن محكمة التمييز لن تتدخل في هذا التقدير.
خلاصة
تمتلك محكمة الموضوع سلطة واسعة في تكييف الدعوى وفهم وتقدير الوقائع، شرط أن تدعم هذه القرارات أدلة ذات أصول ثابتة في ملف الدعوى.